الثلاثاء، 8 سبتمبر 2009

على هامشٍ محلي..(2)

قبل أن أخوض في الحديث عن قصة الأمس، دعوني أحدثكم قليلاً عما حدث لي هذا اليوم، قررت أن أذهب لشراء حذاء لزوجتي المتوفاة ذكرى لها ولزواجنا المقدس، لا تندهشون مني، فقد عودت نفسي أن أشتري هدايا لزوجتي المتوفاة، وفقا للأيام الآتية:
  • ذكرى تاريخ يوم زواجنا الأول.
  • ذكرى تاريخ يوم وفاتها.

فهكذا أصبحت غرفة النوم مكتظةٌ، والأدراج قد مُلئت من الهدايا، كملابس، وأحذية، وعطور، ومجوهرات..الخ، ربما مستقبلا سأفكر أن أرسم وشماً لصورتها في صدري لقدسية زواجنا المبجل..

الأمر الذي قد يدفعني لطرد أولادي من البيت، إذا لم تتسع غرفة النوم للهدايا التذكارية التي أخصصها لتواريخ ذكرى جمعتنا معاً في يوماً ما..

عموماً لقد نسيت أن أخبركم ماذا حدث لي هذا اليوم المشؤوم بالنسبة لي، رجعت من محل الأحذية متوجها إلى حرم شقتي المصون، لكن وقبل أن أصل إلى شقتي بعدة كيلومترات وإذا بقطٍ لا أدري من أين جاء، هل رمته السماء، أم هل نبت من تحت الأرض، أم أنه أتى من مكان آخر، تباً له، كان سيتسبب لي بحادثٍ ربما كان سيؤدي بي وحذاء الذكرى إلى القبر..

ولكن لم تنته قصتي المشؤومة ليومي هذا، فقد حدث لي شيئا آخر، وهو: نزلت من سيارتي العريقة، وقد أغلقت سيارتي ونسيت مفاتيح السيارة بداخلها، والأكثر شؤوما أن السيارة لا يزال محركها اللعين يعمل، اممم ماذا ستفعل يا مْاسِيّ؟!!

فكرت كثيراً دون جدوى، وربما لو كنت أشم قليلا من ذلك الدخان الأحمر، لجاء الحل سريعاً، ولكن لا أستطيع ذلك، لقدسية نهار رمضان المبارك، فكرت بكسر نافذة السيارة الملعونة، ولكن رق قلبي لها، فهي حبيبتي التي تنفس الكثير والكثير عن وقتي الفقير..

أجريت اتصالات عدة، وقد أنتجت خسائر اتصالاتي بشيءٍ مثمر، فقد أرسل لي أحد الأخوة رقم هندياً اسمه "جدنير"، اتصلت بهذا الجندير، ووصفت له مكاني، ما شاء الله وتبارك رب العباد قد جاء جندير مسرعاً، فتح السيارة في أقل من دقيقة، أوووووه ما شاء الله أنت هنديٌّ جيد، شكراً لك يا جندير البطل، فهذه معركة بحد ذاتها مهنية وسريعة، أخذ مني عشرة ريالات عمانية لقاء أقل من دقيقة، ثم انصرف..

عفواً لأخذي من وقتكم الثمين، كانت جولة سريعة لما حدث لي اليوم، وأعلم أنكم تنتظرون قصة المحفظة اللعينة، لكم ذلك...

لنكمل ما حدث:

نعم، قد أدركت حينها مأساة ذلك الشاب المسكين، وكان حوارنا التالي:

أنا: طيب أخوي أنته كيف سمعت عن هذه المحفظة ومتى؟

هو: سمعت عنها عن طريق نسيبي، وشجعني لأنه كان يحصل منها ما يقارب 10% شهريا من رأس المال الذي دفعه، والمحفظة لم تتأخر في يوم للدفع لنسيبي، كانت منتظمة وكأنها وزارة حكومية توزع رواتبها.

أنا: طيب أنته ما خفت، أو ترددت؟

هو: بصراحة لا، لأن نسيبي عطاني اثباتات لحسابه.

أنا: طيب أنته تشتغل في مكان؟

هو: نعم موظف حكومي وعندي مؤهل جامعي.

أنا: وبكم دخلت؟ وهل كان عندك مبلغ؟!!

هو: ما كان عندي مبلغ، وأخذت سلفة من البنك، بمبلغ 15 ألف، وبعت أرض الوالدة وهذه الأرض عطاها أبوي إياها هدية، والأرض بعتها ب20ألف, ودخلت أنا ب30 ألف ريال، وخليت 5 ألف عندي.

أنا: وطيب أمك وافقت تعطيك الأرض؟

هو: خبرتها إني داخل مشروع، ويساعدني ع الزواج، وقلت لها إني برجع لها المبالغ في أقل من سنتين.

أنا: وشو صار بعدما اشتركت؟

هو: استلمت بداية 8 أشهر أرباح المحفظة الكاذبة، وبعدها انكشفت الأمور كما أنته شايف!!

أنا: طيب بس مشكلتك مثل باقي الشباب يعني.

هو: لا ياخي أنا مشكلتي غير.

أنا: كيف يعني غير؟!!

هو: أنا بخبرك، طلع أبوي مشارك في هذه المحفظة، وطبعا أبوي مشارك وأنا مشارك، وماحد مخبر فينا الثاني، أبوي لما تأزمت أموره، راح قال لأمي يريد الأرض، قالت له إنها بايعتنها، قال لها وين المبالغ، قالت عند ولدك، طبعا جاء عندي وخبرته بكل حاجة، طبعا أبوي متأزم لأن راهن البيت وبايع أرضه ومتسلف من البنك، وقال الحل الوحيد عشان يفك رهن البيت يبيع أرض أمي.

أنا: ولما عرف أبوك أيش صار؟

هو: صارت مشاكل، أبوي طلق أمي، وبيتنا أبوي سلمه لأنه مرهون للبنك، وأمي جتها حالة نفسية ومرضت كثير، واحنا ألحين مشردين لا بيت ولا شيء،أنا استأجرت شقة غرفة وحمام وصالة ومطبخ صغير، وهذه الشقة فيها أنا وأمي واخواتي ثنتين، وأخوي، وأجار الشقة بعد ما تعاطف معنا صاحب البناية عطانا إياها ب170 ريال، وأنا يبقى من راتبي فقط 193 ريال يعني ما يبقى لي شهريا غير 23 ريال، هل برأيك 23 ريال تكفي لخمسة أشخاص، من غير الماي والكهرب؟!!

أنا: طيب أنته تقول بقن 5 الآلآف شو سويت فيهن؟

هو: بأمانة كنت شوي مستهتر راحن في سفرات ولعب ع الفاضي.

أنا: طيب الأرباح وين كانت تروح يلي استلمتها ل8 أشهر؟

هو: بجد أنا ندمان لأني ما استثمرتها ولعبت فيها، وأحيانا كنت أصرف على أخواني في البيت.

=======

دار حوار طويل بيني وبينه حول إيجاد الحلول البديلة التي اقترحتها عليه..

=======

فهل هناك مأساة أكثر من هذه المأساة؟

=======

كان الأجدر بنا، أن نستثمر مالنا بأنفسنا، ومن يقول أنه لا يملك الوقت الكافي، فسأرد عليه، إذا كنت أنت لا تملك الوقت، فغيرك من يملكه، وإذا كان لديك المال، فغيرك لا يملكه، فهناك مشاريع كثيرة تستطيع أن تربح منها ذهبا، وهناك شباب يبحثون عن عمل فكان الأجدر أن نبحث عن أشخاص نثق بهم جيداً ونتشارك معهم في مشاريع، هو يدير المشروع، وأنت عليك برأس المال، هكذا سنصنع أمة تستطيع أن تعتمد على نفسها.

لا تزال السلسلة الكتابية مفتوحة، لقصصٍ غريبة من واقعٍ محلي، فأتمنى أن تتابعوني، لأجد العقول التي تشجعني على ذلك..

فقط تابعوني.

<.>

0 التعليقات:

إرسال تعليق